التعريف بصاحب المرقد: أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، أمه فاطمة بنت رسول اللّه (ص)، سيد شباب أهل الجنة.
الموقع:
يقع المرقد الشريف وسط مدينة كربلاء، غربي نهر الفرات، على بعد 105 كم جنوب غرب مدينة بغداد.
يحيط بالمرقد شارع رئيسي يوصل الى ضواحي وأحياء المدينة، وعلى بعد 300 م منه يقع ضريح أخيه أبي الفضل العباس (ع)، في الجهة الشمالية الشرقية
التأسيس:
لما استشهد الإمام الحسين (ع) دفن في الحائر المقدس، وأنّ الذين دفنوه أقاموا لقبره رسماً ونصبوا له علامة وبناء، كي لا يدرس أثره، وفي عهد بني أمية وضعت على قبره المسالح لمنع الزائرين من الوصول إلى القبر المطهر، وكان القبر مطوقاً بمخافر تتولى المهمة السالفة الذكر. وبعد هذه الفترة أخذ الناس يتوافدون لزيارة القبر الشريف، وبدأ عمران المدينة يتسع، واستوطنها الكثيرون، وذلك سنة 170 هـ/786 م
التوسعة والإعمار:
– سنة 65 هـ بنى المختار بن أبي عبيدة الثقفي قبة على القبر الشريف.
– في أيام أبي العباس السفاح (132-136 هـ)، جرى تعمير المرقد الشريف.
– في عهد المأمون (198-218 هـ) أعيد بناء القبر الشريف، بعد هدم الرشيد للأبنية التي كانت تحيط بالاضرحة المقدسة وموضع القبر.
– في عهد المنتصر باللّه العباسي (247-248) تم بناء الضريح المقدس.
– سنة 273 هـ وعلى أثر تداعي بناية المنتصر، قام محمد بن محمد بن زيد القائم بطبرستان بتجديدها سنة 280 هـ.
– سنة 367 هـ بنى عمران بن شاهين (أحد أمراء البطائح) الرواق المعروف بأسمه، وبنى بجنبه مسجداً.
– سنة 371 هـ شيد عضد الدولة البويهي قبة ذات أروقة، وضريحاً من العاج، وعمر حولها بيوتاً، وأحاط المدينة بسور.
– سنة 380 هـ شيد الداعي العلوي محمد بن زيد بن الحسن قبة على القبر الشريف لها بابان، وبنى حولها سقفين، وأحاطهما بسور.
– سنة 407 هـ وعلى إثر الحريق الذي أصاب الحرم الشريف، قام الحسن بن الفضل وزير الدولة البويهية بإعادة البناء نفسه، مع تشييد السور.
– سنة 479 هـ أمر الملك شاه السلجوقي بترميم سور الحائر الحسيني.
– سنة 767 هـ جدد السلطان أويس الجلائري بناء القبر، وأنّ القبة الموجودة حالياً هي من آثار بنائه، وأتم نجله السلطان أحمد الجلائري تجديد القبر، ومن بعده ولده السلطان حسين الجلائري، حيث شيد البهو الأمامي للروضة المعروف بايوان الذهب.
– سنة 914 هـ أمر الشاه إسماعيل الصفوي بتذهيب حواشي الضريح، وأهدى اثني عشر قنديلاً من الذهب، كما أهدى صندوقاً فضياً بديع الصنع للحائر المقدس، تم وضعه على القبر سنة 932 هـ.
– خلال الأعوام (930-984 هـ) بذل الشاه طهماسب الصفوي الكثير من الأموال لأجل تعمير الروضة الحسينية، ووسع المسجد الكبير الملحق بالمشهد الشريف.
– سنة 1048 هـ شيد السلطان مراد الرابع العثماني القبة وجصص خارجها.
– سنة 1207 هـ قام السلطان آغا محمد خان مؤسس الدولة القاجارية بتذهيب القبة لأول مرة.
– سنة 1227 هـ/1812 م أمر السلطان فتح علي القاجاري بتجديد بناء المشهد، وتبديل صفائح الذهب القديمة، وأهدى شباكاً من الفضة وُضع على القبر الشريف، كما تبرعت زوجته بتذهيب المئذنتين. كما أمر السلطان نفسه سنة 1250 هـ ببناء قبتي مرقد الإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام).
– سنة 1287 هـ/1870 م أمر ناصر الدين شاه بتجديد المشهد، وتبديل صفائح الذهب، وتذهيب القبة، كما وسع الصحن الشريف من الجهة الغربية.
– في سنة 1355هـ أمر السلطان طاهر سيف الدين الداعي الإسماعيلي بتجديد شباك الضريح من الفضة الخالصة.
– سنة 1360 هـ تبرع أحد المحسنين بمبلغ من المال لتجديد هيكل الضريح، فتم ذلك بهمة السيد عبد الحسين علي آل طعمة سادن الروضة الحسينية.
المعالم
تمتاز الروضة الحسينية بسعة صحنها، وكثرة أواوينها الجميلة المزخرفة، إذ يبلغ طول الصحن 95 م، وعرضه 75 م، وله عشرة أبواب هي: باب القبلة، باب الرحمة، وهما يقعان في الجنوب، وباب قاضي الحاجات، وباب الشهداء، وباب الكرامة، موقعها في شرقي الصحن، وباب السلام، وباب السدرة، وموقعها في شمال الصحن، أما في الغرب فيقع باب السلطانية، وباب رأس الحسين، وباب الزينبية. ولكل باب من هذه الأبواب طاق معقود بالفسيفساء البديع. ويحيط بالروضة المطهرة 65 إيواناً، في كل إيوان حجرة، زيّنت جدرانها من الداخل والخارج بالفسيفساء، وقد أُعدت بعض هذه الحُجرات لتدريس طلبة العلوم الدينية، وأُعد البعض الآخر منها مقابر للسلاطين والملوك، وكبار العلماء ورجال الدين، وبعض الأسر المعروفة. وفي الواجهة الأمامية للروضة يوجد إيوان الذهب.
وتعلو الروضة الشريفة قبة شاهقة يبلغ ارتفاعها 27 م، مغشاة بالذهب الابريز، ويحيط بها في الأسفل 12 شباكاً، ترتفع على جانبيها مئذنتان شاهقتان مكسوتان بالذهب الخالص، وهماعلى بعد 10 م من جنوب القبة، ويبلغ ارتفاع كل منهما نحو 25 م من سطح بناء الروضة، وسمكها 4 أمتار، وفي جانبي الصحن ساعتان دقاقتان كبيرتان، مثبتتان على برج شاهق. وفي الواجهة الشمالية من الروضة الحسينية تقع خزانة الروضة، والتي فيها من الذخائر التي لا تثمن، وتحتوي على المصاحف الخطية القديمة، وفي الجانب الغربي منها تقع مكتبة الروضة الحسينية.
وعند رجلي الإمام الحسين (ع) مباشرة يقع ضريح نجله علي الأكبر (ع)، ويضمهما معاً الضريح المسدس الشكل، حيث يتسع طولاً عند مرقد علي الأكبر، ويبلغ ارتفاعه 6 أقدام، ويعلوه أواني ذهبية مرصعة بالأحجار الكريمة، وفي كل ركن من أركانه رمانة من الذهب الخالص، يبلغ قطرها نصف متر، وعلى يمين الضريح ساحة مقدسة تضم مراقد الشهداء الاثنين والسبعين الذين استشهدوا مع الإمام الحسين (ع).
وفي الجانب الشمالي الغربي من الحائر الشريف يقع مرقد السيد إبراهيم المجاب ابن السيد محمد العابد ابن الإمام الكاظم (ع)، وفي الرواق المتصل يوجد ضريح حبيب بن مظاهر الأسدي.
من ذاكرة التاريخ:
– إنّ أول من زار الحائر المقدس عبيد اللّه بن الحر الجعفي لقرب موضعه منه، فوقف على الأجداث، ونظر إلى مصارع القوم، فاستعبر باكياً ورثى الحسين (ع) بقصيدة معروفة.
– يروى عن الصحابي الجليل جابر بن عبد اللّه الأنصاري أنه قال لقومه، عندما زار قبر الإمام الحسين (ع)، يوم 20 صفر سنة 62 هـ، مع جماعة من المسلمين من أهل المدينة، واجتمع بنفس السنة بالإمام السجاد (ع)، قال جابر: ألمسوني القبر.
– سنة 140 هـ أمر المنصور الدوانيقي العباسي بتخريب القبر الشريف.
– في عهد هارون الرشيد (170-193 هـ) ضُيقّ الخناق على زائري القبر، وقطعت شجرة السدرة التي كان يستدل بها الزائرون على موقع القبر الشريف، ويستظلون تحتها، كما انه خرب القبر، وهدم الأبنية المحيطة بالضريح المقدس.
– في الفترة بين (236 هـ -247 هـ) أمر المتوكل العباسي بتهديم القبر الشريف، وحرث أرضه، وأسال الماء عليه، فحار الماء حول القبر الشريف، وبسبب هذا سميت البقعة الشريفة لموضع القبر بالحائر، كما منع الناس من زيارته.
– في شوال سنة 247 هـ قُتل المتوكل من قبل ابنه المنتصر، فسمح بزيارة المرقد الشريف، ووضع إشارة يستدل بها على موضعه، وأعاد بناء القبر الشريف، فتوافد العلويون إلى كربلاء، وسكنوا بجوار المرقد، ويعتبر السيد إبراهيم المجاب أول علوي هاجر إلى أرض الحائرالشريف مع ولده في هذه الفترة، وسكن كربلاء.
– سنة 407 هـ احترق حرم الإمام الحسين (ع)، حيث كان مزيّناً بخشب الساج، وذلك على إثر سقوط شمعتين كبيرتين فيه.
– سنة 1216 هـ هاجم سعود بن عبد العزيز الوهابي مدينة كربلاء، وأباد أهلها قتلاً وسبياً، وكسر جنوده شباك القبر الشريف، ونهبوا ما في المرقد من كنوز ذهبية ثمينة.
– سنة 1258 هـ وقعت مجزرة نجيب باشا، والتي أُرخت بـ (غدير دم)، حيث لم يمنعه احتماء المستضعفين بضريح الإمام الحسين (ع) من أن يقتحم المرقد، ويدع دماء الضحايا تسيل في الحرم الشريف، وقد صادف ذلك في عيد الأضحى.
– في سنة 1991 م وخلال أحداث انتفاضة شعبان الخالدة، وبأمر من النظام الحاكم في بغداد، تعرض المرقد الشريف لأعمال التخريب والهدم، فأصابت قذائف المدفعية والطائرات قبته وأبوابه وجدرانه.
الشخصيات والعلماء المدفونون في الروضة الشريفة
– الميرزا تقي خان الصدر الأعظم.
– الشيخ محمد يوسف البحراني المتوفي سنة 1186 هـ.
– الشيخ باقر الوحيد البهباني (المتوفى سنة 1205 هـ).
– السيد مهدي الشهرستاني الموسوي (المتوفى سنة 1216 هـ).
– السيد علي الطباطبائي (صاحب الرياض) (المتوفى سنة 1231 هـ).
– الشيخ محمد حسين بن عبد الرحيم الرازي (صاحب الفصول) (المتوفى سنة 1254 هـ).
– المولى محمد صالح البرغاني (المتوفى سنة 1270 هـ).
– الشيخ محمد تقي الشيرازي زعيم الثورة العراقية (المتوفى سنة 1338 هـ) دفن في الصحن الحسيني الشريف.
– هنالك رواية تشير إلى أن أضرحة الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى الكاظم (ع)، وولديه الشريف المرتضى والشريف الرضي في كربلاء
المصادر:
1- تراث كربلاء/سلمان هادي الطعمة ط 2 سنة 1983 م بيروت.
2- جولة في الأماكن المقدسة/السيد ابراهيم الزنجاني ط 1 سنة 1985 م بيروت.
3- موسوعة العتبات المقدسة/قسم كربلاء – جعفر الخليلي ط 2 سنة 1987 م بيروت.
4- مزارات أهل البيت (ع) وتاريخها محمد حسين الحسيني الجلالي ط 3 سنة 1995 م بيروت.